المحطات الدموية لليهود في الدول العربية

في المغرب:

ساد اعتقاد أن المغرب كانت أكثر الدول أمنا لليهود، إلا أن العكس هو الصحيح، لأن الوقائع التاريخية أثبتت أنها كانت أكثر الدول الإسلامية التي تعرض فيها اليهود للمجازر والمذابح، نورد على سبيل المثال لا الحصر بعضها:
• في القرن الثامن، تم إبادة طوائف يهودية بصورة كاملة على أيدي إدريس الأول.
• في سنة1033 ، قتل في مدينة فاس 6000 من اليهود على أيدي الجماهير المسلم.
• أسفر تولي سلالة الموحدين للسلطة، عن سلسلة من المذابح الكبرى، حيث أفادت إحدى الشهادات التاريخية، أن مئة ألف يهودي قد ذُبحوا في فاس، ونحو 120 ألفا في مراكش.
• في سنة 1465 وقعت مذبحة كبرى أخرى في مدينة فاس، امتدت إلى مدن مغربية أخرى.
• في تطوان وقعت مجازر منظمة في كل من عامي 1790 و1792، تضمنت قتل الأطفال، نهب ممتلكات هذه الجالية القديمة واغتصاب نساءها.
• في عامي1864 و1880 نُفذت سلسلة من المجازر بحق اليهود في مراكش، وأحصيت الضحايا بالمئات.

وفي القرن العشرين لطخت السنوات التالية بدماء يهود المغرب:
• 1903 تعرض يهود مدن” تازة” و”سطات “للمجازر، حيث مات 40 منهم.
• 1907 نفذت مجزرة في الدار البيضاء سقط فيها نحو 30قتيلا من أبناء إسرائيل، فيما اغتصب العديد من النساء.
• 1912 تكررت المجازر في فاس، حيث قتل 60 يهوديا، وأصبح 100 ألف منهم بدون مأوى.
• 1948 تجددت المجازر بحق اليهود، فقتل 42 منهم في مدينتي وجدة وجرادة.
في الجزائر:

وقعت سلسلة من المجازر في الأعوام؛ 1805 و 1815 و1830.

ثم تحسنت أوضاع اليهود مع بدء عهد الاحتلال الفرنسي في عام1830 ، ولكن الأمر لم يحل دون وقوع أعمال عنف بحق أبناء الجالية اليهودية خلال السنوات الأخيرة من القرن 19.

وازدادت الأوضاع سوءً مع تولي حكومة فيشي الحكم في فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن قبل ذلك، وفي عام 1934 تحديدا، تسربت للجزائر تأثيرات نازية تسببت في تنفيذ مجزرة أخرى راح ضحيتها 25 يهوديا وذلك في مدينة قسطنطين.
في ليبيا:

ولم ينجو يهود ليبيا من المضايقات. فقد قتل المئات منهم سنة 1785 على يدي علي باشا. وزادت التأثيرات النازية من خطورة الاعتداءات على اليهود، ليُشرّع الحكم الايطالي، الحليف آنذاك للنظام الألماني النازي الاعتداء عليهم، حيث تم نهب ممتلكاتهم وإرسال الآلاف منهم إلى المعسكرات النازية وإبادة نحو 500 منهم في تلك المعسكرات.

في العراق:

 

لم تشفع قدم وعراقة الجالية اليهودية لها، ولم تؤثر 2500 عام من عمر أول منطقة يهودية في العراق على الرأفة بها، وتخلصها من نزف الدماء، بل شهدت ارض بلاد ما بين النهرين الكثير من المذابح، كان أهمها في مدينة البصرة عام1776 . وحين بدأ الانتداب البريطاني عام1917 تحسنت أوضاع اليهود، ولكنها عادت فساءت سنة 1932 بعد انتهاء عهد الانتداب، واستقلال الشعب العراقي .
في سوريا:

 

أما بلاد سوريا فكانت أول من استوردت “الاسامية” من اوروبا، وعرفت تحريضا ضد اليهود _”فرية الدم”_ عام1840 ، ما أدى إلى اختطاف العشرات من أطفالهم وتعذيبهم حتى الموت أحيانا، بالإضافة إلى تعرض عائلات بأكملها إلى أبشع أنواع المجازر. فيما سجل التأريخ اقسى المذابح بحقهم في كل من حلب عامي
1850 و1875، ودمشق عام 1848 و1890.

أيضا في بيروت عامي 1862 و1874. كما ظهر في دير القمر تحريضا على دم اليهود تمخض عن مذبحة سنة1847، ووقعت في يروشلايم في العام نفسه، مجزرة كبيرة كنتيجة لتحريض الدم المذكورة.
في اليمن:

Shofar Sabbath Horn Yemenite Jew المحطات الدموية لليهود في الدول العربية ( “النكبة الهُراء”: الفصل الرابع / الحلقة الثالثة )

عانى اليهود في هذه الدولة، من الاضطهاد والملاحقات والمضايقات والاعتداءات . في عام 1676، قام إمام اليمن المهدي بتهجير اليهود إلى أحدى المناطق القاحلة في اليمن، وعرف آنذاك ب “منفى موزع” ما تسبب في وفاة ما بين ستين وخمسة وسبعين بالمائة منهم بحسب تقديرات مختلفة. وقد تم فرض إجراءات كثيرة على اليهود تفاوتت في قسوتها، من أقساها فرض الأسلمة القسرية على الأيتام.

في إيران:

 

وقعت مجزرة بحق اليهود في مدينة مشهد سنة 1839، حيث انقضّت الجماهيرعلى اليهود بفعل التحريض المفتعل ضدهم، ليتم ذبح 40 يهوديا، فيما أُرغم الباقون على اعتناق الإسلام إلا أنهم أبطنوا اليهودية واطلق عليهم اسم ” أنوسي مشهد”.

وفي سنة 1910 ظهر تحريض الدم في مدينة شيراز، قتل كنتيجة لها 30 من ابناء شعب اسرائيل.

في مصر:

كان وضع اليهود منحطا ومذريا طوال مئات السنين على الرغم من أنهم أقدم سكان بلاد النيل، حيث سكن ابناء اسرائيل فيها منذ عصر بيت المقدس الاول قبل 2500 عان.
عقب الإشاعات التي حللت هدر دماء اليهود _ فرية الدم_في دمشق، نشرت إشاعات مماثلة في مصر نتج عنها سلسلة هجمات غوغائية نذكر منها:

في القاهرة في الأعوام1844 ، 1890، 1901 – 1902.

في الإسكندرية في السنوات1870 ،1882 ، 1901 – 1907، وغيرها من أعمال العنف المماثلة في بورسعيد والدمنهور.
وبعد سلسلة الدماء اليهودية التي سقطت في الأراضي العربية، يجدر بنا أن نُذَكر؛ كل أعمال العنف والشغب والنهب والاغتصاب والقتل الذي تعرض له اليهود في الحقبات التاريخية المختلفة لا سيما في مصر حيث حرم على اليهود السكن في البيوت العالية وفُرض عليهم وضع علامة في رقبتهم عبارة عن جرس صغير، وعدم انتعال الاحذية وامتطاء الفرس … كل ذلك تم قبل ولادة جده لتيودور هرتسل وبالطبع قبل إستقلال دولة إسرائيل.

وألان نصل إلى الجزء الثاني من مقاربة واقع اليهود في الدول العربية، وهو شق التاريخ المعاصر.

عشية إعلان دولة إسرائيل، كان عدد اليهود في الدول العربية حوالي 900 ألف يهودي، وتشير الأرقام إلى أن %99 منهم تركوا هذه الدول في فترة زمنية قصيرة لا مثيل لها.

صحيح، أن الجاليات اليهودية في روسيا والمانيا عانوا القمع والعنصرية، لكنهم لم يتركوا مناطقهم بهذه الصورة الجماعية والكاملة، في فترة زمنية قصيرة.

وحتى نفهم الدافع لعملية التهجير الجماعية اليهودية هذه، نعود بالذاكرة إلى تصريحات قادة العرب عشية إقامة الدولة إسرائيل، والتي اعتمدت التمييز العرقي والعنصري والهبت نفوس الشارع العربي كرها لليهود الذين دفعوا ثمنا باهظا بأرواحهم وممتلكاتهم.

ممثل مصر في الأمم المتحدة، محمد حسنين هيكل، وضح ما هي عواقب قرار التقسيم على اليهود في الدول العربية : “هذا الحل، أي قرار التقسيم، سيكون خطرا على حياة مليون يهودي في الدول الإسلامية (…) وعلى الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولية الأحداث والمذابح التي ستلحق بعدد كبير من اليهود .”

وأعلن أمين عام الجامعة العربية عبد الرحمن عزام، في 15 – 5 – 1948 أن: “الحرب ستكون ضروسا، وسوف تُروى قصة المجزرة كما تروى قصة حروب المغول والصليبين”.

أما المفتي الحاج أمين الحسيني فقد دعا المسلمين إلى قتل اليهود قائلا: “إنا أعلن الحرب المقدسة، أيها الإخوة المسلمون ! اذبحوا اليهود! واقتلوهم جميعا “.

اذا، تمييز عنصري اعتمده القادة العرب، يقوم على التهديد باسم العرق والدين، سرعان ما تحول من الأقوال إلى الأفعال، فعمت الدول العربية موجة من الكره والعنف ضد اليهود:

في العراق، شهد العام 1941 مذبحة الفرهود الذي راح ضحيتها 179 يهوديا وجرح فيها أكثر من ألفي شخص. كما عمد النظام العراقي إلى ملاحقة اليهود واضطهادهم معتمدا سياسة التمييز ضدهم، طاردا إياهم من أعمالهم لاجئا إلى محاكماتهم تعسفيا.

في آذار عام 1950 سمح النظام العراقي لليهود بالرحيل شرط التنازل عن الجنسية العراقية وترك أملاكهم وثرواتهم. وبعد سنة قامت السلطات العراقية بمصادرة أملاك العائلات اليهودية التي رفضت الرحيل
وفي أواخر العام 1951 كان 90%من يهود العراق قد تركوا بلاد ما بين النهرين مخلفين وراءهم ممتلكات قدرت بالملايين.
عرف يهود سوريا قدرا وظلما مماثلا. فسجل التاريخ عام 1945 مذبحة راح ضحيتها 75 يهوديا. لتتجدد المضايقات عام1947؛ مئات الدور، المحلات، المدارس والكنائس اليهودية دمرت.
ومع بداية العام 1949 صودرت ممتلكات اليهود وجمدت مدخراتهم المصرفية، ليختتم العام نفسه برحيل أبناء “شعب اسرائيل” السوريين وقد أصبحوا لاجئين.

أما في عدن اليمن التي كانت رازحة آنذاك تحت الحكم البريطاني، فقد شهدت سلسلة من أعمال العنف والشغب والمضايقات كان أهمها مجزرة عام 1947 والتي عرفت ب” محرقة يهود عدن” التي استمرت ثلاثة أيام، مورست فيها أبشع أنواع القتل والكراهية، راح ضحيتها 97 يهوديا وجرح 120 منهم.
ناهيك عن التعرض للممتلكات؛ بحيث دمرت 106 محال تجارية من اصل 170 لمالكين يهود بصورة كاملة، ضف إلى مئات الدور والأبنية التي أحرقت.

حينها أُرسلت قوة من الحرس البدوي لحمايتهم، إلى أن سرعان ما انضم عناصرها إلى المشاغبين، فما كان ليهود اليمن سوى خيار الرحيل حفاظا على أرواحهم وأطفالهم وعرضهم.
في مصر بدأت حالة التمرد على اليهود في نهاية الحرب العالمية الثانية.
في الذكرى السنوية لإعلان بلفور في عام 1945 قتل عشرات اليهود وجرح المئات، وأحرقت كتب التوراة المقدسة .ليصب رئيس وزراء مصر، آنذاك، فهمي النقراشي الزيت على نار الكراهية قائلا: ” كل يهود مصر هم شيوعيون وصهاينة على حد سواء .”

بعد هذا الإعلان، في 30 أيار1948، قررت الحكومة المصرية مصادرة ممتلكات كل” مَن تُهدد أعماله امن الدولة”، وبناء على ذلك، معتمدة تلك الحجة، قامت السلطات المصرية بمصادرة أملاك أكثرية اليهود، فيما استمرت سلسلة المجازر التي أسفكت دماءهم طيلة صيف ذلك العام، لتحصد 53 يهوديا، كانوا قد قتلوا حتى شهر أيلول/ سبتمبر. ليقول مراسل الصحيفة “ناشيونال تسايتونغ” أن القاهرة تنازلت للأعمال الغوغائية التي عمت الشوارع المصرية صارخة كرها : يهود يهود.
كما ساد في مصر نوع من التمييز العرقي آنذاك، بحيث اضطهد ايضا كل من يوحي شكله انه أوروبي، فكانت مسارح البطش والهمجية على أشدها في الحي اليهودي الذي تعرض إلى أبشع أنواع الاضطهاد، حيث تم هدم بيوت اليهود وقتل المئات منهم، حتى عام 1950 كان قد ترك 20 ألف يهودي بلاد النيل.

في ليبيا، بدأ اضطهاد اليهود مع نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ قتل في مدينة طرابلس 133 يهوديا.

في تموز من العام 1948 عادت أعمال القمع والعنف لتحصد أرواح 14 يهوديا.

وفي العقد الخمسيني من القرن العشرين، فرضت حكومة ليبيا سلسلة من القيود الاقتصادية آدت إلى تجميد ممتلكات اليهود. ليبقى، في نهاية العام 1952، 4000 يهوديا فقط من اصل 35.000 كانوا مقيمين فيها في العام .1948

في تموز من العام 1948 تجددت في المغرب أعمال العنف ضد اليهود فكانت مجازر مدن “اوجدة” و”جردا” التي حصدت 42 يهوديا .

استمر قمع يهود المغرب والتنكيل بهم، فكانت مجزرة عام 1954 التي راح ضحيتها ستة أبرياء. لتستمر المذابح بحق “أبناء اسرائيل” في الدار البيضاء، مزجان وصافي عام 1955.

ووصل الحال إلى بقاء بضع الآلاف من يهود المغرب في عام 1947 بعد أن كانوا ربع مليون يهوديا.
وهكذا تأتي هذه المجازر وأعمال العنف والاضطهاد لتدحض أولئك المدعين بان “اليهود العرب” كانوا مكرمين معززين، عاشوا فترات بيضاء في حضن الدول العربية، ولتكشف حقائق، لعبت البربغاندا العربية في فرض نسيانها لا بل طيها في كتاب التعتيم خوفا من حقيقتها وحقيقة واقع اليهود التاريخي في الدول العربية.

תגובה אחת

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *