دراسية تحليلية لكتاب الوجه الاخر العلاقات السرية بين النازية والصهيونية الذي كتبة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية

بقلم د. ايدي كوهين الباحث الاسرائيلي من جامعة بار-ايلان.

ان المقالات المدونة في هذه الخانة تعبر عن اراء اصحابها, ولا تلزم الموقع بمحتواها 

هذه دراسة تحليلية لرسالة الدكتوراة!! التي كتبها محمود عباس عام 1982 في معهد موسكو والتي صدرت ككتاب عام 1984 في عمان اي الطبعة الاولى والطبعة الثانية صدرت عام 1997 في القاهرة والطبعة الثالثة عام 2011 في رام الله.

يقول عباس في مقدمة كتابه ان الدول الغربية بعدما ربحت الحرب العالمية الثانية – انتهت الى اتهام قادة النازيين بكل الجرائم التي وقعت في تلك الحرب بما فيها الكارثة اليهودية، ولاحقت من بقي منهم على قيد الحياة ،ولكنها اي هذه الدول نصبت نفسها حكما عدلا، حيث حاكمت النازيين في محكمة نورنبرغ ولكنها تعاملت مع نصف الحقيقة بعد ان اهملت عن قصد النصف الاخر . ويقصد عباس ان هذا النصف الاخر هو الشريك الاخر للنازيين اي حسب قول عباس انهم قادة الحركة الصهيونية!! مثل دافيد بن غوريون وآخرون حيث يتهمهم عباس بكتابه الآنف الذكر بانهم المجرمون (الاضافيون) الذين تعاونوا مع النازيين وهم مسئولون عن ابادة ثلث من الشعب اليهودي ابان المحرقة اليهودية !! ويذهب عباس ابعد من ذلك ويقول بان القادة الصهاينة اثاروا عن قصد سخط وحقد الحكومات الاوروبية على اليهود بتنسيق مع ادولف هتلر بهدف تسريع هجرتهم الى فلسطين!!. ولم يعط عباس اي دليل على مزاعمه او اثباتات علمية سوى التشهير وحبر على ورق .
اتهام اليهود بالتعاون مع النازيين نظرية سخيفة وساذجه تفتقر للمعايير الاكاديمية حيث لم يعط عباس اية وثيقة تؤكد مزاعمه. فهو يقول في كتابه ان وثائق الرايخ الثالث وصلت لأيدي الكثيرين وكشفت عن العلاقة بين النازيين والحركة الصهيونية لكنه للأسف لم ينشر اي وثيقة ولم يعط اي اقتباس لوثيقة كهذه. ان الوثائق التي تربط اليهود مع النازيين متعلقة فقط باتفاق هامعبرا اي اتفاق نقل الممتلكات الذي وقعته الحركة الصهيونية مع النازيين لنقل عشرات آلاف اليهود من المانيا لفلسطين عام 1933 وقد ألغى النازيون هذا الاتفاق مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939.

ان التاريخ تصنعه الوثائق والشهود ولا بديل عنهما، وحيث لا وثائق ولا شهود فليس هناك تاريخ وهذه بديهية في كتابة التاريخ عامة لاجدال فيها ، وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفها الأسلاف للأخلاف.

دكتور ايدي كوهين محمود عباس

عباس لم يقتصر على القاء التهم على الاحياء فالأموات اليهود لم ينجوا هم ايضا من حملة التشهير الذي شنها في ما يسمى رسالة الدكتوراه، حيث يواصل اهانة الشعب اليهودي ويشكك بان ستة ملايين يهودي كانوا ضمن الضحايا ويقول ان مصلحة الصهاينة هي تضخيم العدد ليكون مردوده ذو مكسب مادي كبير الامر الذي دعا الصهاينة الى توكيد هذا الرقم وتثبيته في ذهن الرأي العام ليشعر بمزيد من تأنيب الضمير ومزيد من العطف على الصهيونية!! ثم اشار الى العالم راول هلبرغ الذي كتب في الصفحة (670) من كتابه (دمار يهود اوروبا ) ان رقم الضحايا اليهود هو890 الف يهودي. لكن من مراجعة بسيطة قمت بها مؤخرا لهذا الكتاب اظهرت بشكل قاطع بان محمود عباس حرف الرقم عن قصد لان الرقم الحقيقي الذي كتبه (هلبرغ) في كتابه اعلاه وفي الصفحة ذاتها هو( 5.1 مليون) يهودي وليس كما يزعم عباس في كتابه.

ويتحدى عباس جميع الوثائق والصور والأبحاث العلمية التي بدأت بعد الحرب العالمية والتي لم تنتهي حتى يومنا هذا حيث يزعم في كتابه انه لم يكن يوجد غرف غاز في معسكرات الاعتقال النازية لقتل الاحياء وإنما هذه الغرف كانت فقط لحرق الجثث خشية انتشار الامراض ويستند عباس الى البروفسور الفرنسي (روبير فوريسون) وهو من ابرز منكري المحرقة اليهودية الهولوكوست!!. ملايين من اليهود قتلوا في هذه الغرف التي لا زال موجودا قسم منها في بولندا حيث تم مؤخرا استكشاف عددا منها تحت الارض في نفس المكان الذي كانت تتواجد انذاك معسكرات الموت. وفي هذا السياق يزعم عباس بان الحركة الصهيونية رفضت انقاذ آلاف اليهود في الدول الاوروبية بسبب رغبتها زيادة أعداد الضحايا مما يجعلها تملك حقا اكبر في الجلوس على طاولة المفاوضات وفي توزيع الغنائم.

بعد ان شوه عباس الحقائق التاريخية واتهم ( اليهود بقتل اليهود )!! يقوم عباس بمقارنة غريبة وموازنة ساذجة بين النازية والصهيونية ويقول ان هتلر كان عنصري ودعى إلى تفوق الجنس الآري على غيره من الشعوب مثل الحركة الصهيونية التي تدعو الى حل جذري عن طريق الهجرة الى فلسطين. وقام عباس بوضع غلاف بمقدمة كتابه وفيه خوذتين رسم على احداهما نجمة داود وعلى الثانية الصليب المعقوف النازي وبذلك الرسم يحاول عباس توحيد بين النهجين.

ويختتم عباس هجومه على يهود اوروبا ويقول ان الصهيونية تآمرت عن وعي كامل على يهود اوروبا مع هتلر وان كل من حاول كشف او فضح هذه المؤامرة لقي حتفه ويشير عباس الى المجرم النازي ادولف ايخمان أحد المسئولين الكبار في الرايخ الثالث والمستشار للشؤون اليهودية الذي اختطف من قبل الموساد الاسرائيلي من الارجنتين الى اسرائيل وخضع لمحاكمة عادلة حيث اعدم شنقا ويقول عباس ان ايخمان اعدم بسبب محاولته كشف هذه المؤامرة (الخيالية العباسية) ويتجاهل عباس السبب الحقيقي لمحاكمة (ايخمان) وهو مسؤوليته عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبها بحق اليهود.

ولم ينجوا اليهود في الدول العربية ايضا من عباس حيث يتناول في الفقرة الاخيرة من كتابه موضوع اللاسامية في الدول العربية ويجزم قاطعا بأنه لم تكن هناك لاسامية ضد اليهود في الدول العربية متجاهلا الملاحقات والتطهير العرقي الذي عاناه اليهود في الدول العربية في الجزائر وفي اليمن وفي مصر والعراق حيث تمت مصادرة ممتلكاتهم وتم طردهم ناهيك عن المذابح التي تعرض لها اليهود في لبنان وسوريا والمغرب وليبيا . فهذا التطهير العرقي معروف للقاصي والداني لكن عباس اختار تجاهل هذه المعاناة الانسانية.

كان على عباس في رسالته الدكتوراه أن يذكر شخصية مهمة عربية اسلامية تعاونت مع النازيين ولعبت دورا في ابادة عشرات آلاف اليهود في اوروبا هو حليف ادولف هتلر المفتي امين الحسينيي الذي اساء للقضية الفلسطينية. والمضحك بان عباس لم يتطرق الى موضوع هذا التعاون الشيطاني والذي استمر 12 عاما. ان امين الحسيني كان ضيف هتلر وأقام في المانيا من سنة 1941 حتى 1945. وعمل الحسيني على تحسين صورة الالمان عند العرب مستغلا نفوذه الديني وشعبيته، لكن الحسيني أصبح الان في مزبلة التاريخ و حتى الفلسطينيون يعلمون جيدا بأنه كان يعمل لحساباته الشخصية وكل ما كان يريده هو السلطة والمال.

يعد كتاب الوجه الاخر العلاقات السرية بين النازية والصهيونية كتاب دعاية عنصري مليء باللاسامية وبإنكار المحرقة ، فهذا الكتاب هو الوجه البشع الحقيقي لمحمود عباس. ان نظرية المؤامرة وخيال عباس الواسع يفتقدان للمصداقية الى حد بعيد. والأمر الذي يثير الدهشة بان عباس طوال هذه السنوات صرح للإعلام العبري ايام الضحك على ذقوننا في إسرائيل بانه لا ينكر الكارثة وبأنه يؤمن بان الكارثة هي العمل الافظع ضد البشرية..الخ لكن ما يصرح به بالانكليزية او بالعبرية يتناقض مع التصريحات باللغة العربية لان عباس لطالما دافع عن كتابه لكنه لم يفكر يوما بأننا نحن اليهود نجيد لغة الضاد ويمكننا قراءة 253 صفحة ولسنا سذجا كي نميز نفاقه السياسي مع دولتنا و نفاقه الأخلاقي مع معاناة شعبنا اليهودي وشعبه الفلسطيني . ان هذا الكتاب موجود في الموقع الرسمي للسلطة الفلسطينية وهذا يشير ويؤكد ان عباس لا يحترم مشاعر اليهود ولا حتى الفلسطينيين . وبهذا السياق يذكر بان السلطة الفلسطينية اعفت البروفسور محمد الدجاني عن عمله في جامعة القدس مجرد بأنه سافر الى بولندا مع تلاميذه وزار معسكرات الموت .

عباس اهمل وشوه وحرف الوقائع التاريخية وبناءً على ذلك تطرح عدد من التساؤلات والمناقشات حول المؤرخ نفسه، مصداقيته العلمية والأكاديمية فضلا عن طبيعة المصادر التي استند إليها في كتابته ناهيك عن السبب الحقيقي وراء تأليفه للكتاب وروايات وأوصاف للوقائع والأحوال التي يريد نقلها وهل تتفق هذه الروايات مع الحقائق التاريخية والعلمية والأكاديمية؟!! وهل لقى كتابه دعما من مؤرخين وكتاب اخرين؟!!!
والجواب البديهي هو كلا ثم كلا وألف كلا.

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *