نفلا عن إسرائيل اليوم 20/12/2016
أقلم القراء / د. ايدي كوهين

لقد مرت بضع سنوات منذ اندلاع «الربيع العربي»، وما زال العالم العربي يعيش في حالة فوضى مطلقة. الصراعات الداخلية والحروب بين الاسلام المتطرف والاسلام المعتدل، بين القوميين وبين الليبراليين، وكذلك الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة لا تسمح بالعيش بسلام وازدهار في اغلبية الدول العربية. اضافة إلى ذلك، فرص الهدوء لا تلوح في الافق، خصوصا في سوريا ومصر وليبيا والعراق واليمن. بكلمات اخرى، العالم العربي كله يشتعل، لكن بعض القادة على قناعة بأن إسرائيل هي سبب كل هذه المشاكل، وأنهم لا يتحملون المسؤولية عن افعالهم.

تجدر الاشارة إلى عدة اسباب دفعت العالم العربي إلى الفوضى الحالية. السبب الاول هو الفساد المتفشي في اوساط الزعماء العرب، حيث أن الزعيم والمقربين منه يسيطرون على اموال الدولة. ونتيجة لذلك فإن الاموال التي يجب أن تذهب للاستثمار في التعليم والبنى التحتية، تذهب إلى جيوب القادة الفاسدين والمقربين منهم، الذين بفضل علاقاتهم يحصلون على الوظائف الرفيعة دون أن تكون لهم الكفاءات المهنية والقيادية.

السبب الثاني يتعلق ايضا بالفساد ولكن بشكل غير مباشر. وهو عدم اشراك النساء في عملية اتخاذ القرارات وغيابهن عن المناصب الهامة في العالم العربي. وقد أشار كثير من الابحاث إلى أن النساء غير مُفسدات في العادة، وهن يعملن من اجل المصالح القومية، خلافا للقادة العرب الذين تحركهم «الأنا» الذكورية. للأسف الشديد، العالم العربي لم يفهم ذلك بعد، وهو يستمر في اقصاء النساء وإبقائهن في افضل الحالات في جهاز التعليم، وفي اسوأ الحالات في المطبخ.

سبب آخر، يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الدول العربية، هو هجرة الشباب اللامعين، خصوصا أبناء الاقليات الذين يبذلون قصارى جهدهم لترك الدولة، من اجل ايجاد العمل في الغرب لأن بلادهم لا تقدرهم أو تطاردهم بسبب انتمائهم العرقي. هؤلاء الشباب يرون أن المستقبل أفضل بكثير في الدولة التي يهاجرون اليها.

الذين وصلوا إلى هناك في القرن العشرين. هؤلاء اللاجئون ليس فقط لم يساهموا في الاقتصاد، بل اضروا به، وبسببهم تراجع متوسط الرواتب كثيرا وازدادت البطالة. هؤلاء اللاجئون الأبديون أقاموا مخيمات لاجئين في مراكز عواصم بعض الدول مثل دمشق وبيروت. وهذه المخيمات تسببت بمشكلات كثيرة، لا سيما الجريمة والسلاح غير القانوني الموجود هناك.

فساد العالم العربيالدول العربية لم تمنح المواطنة والحقوق الاجتماعية أو الانسانية للفلسطينيين. وحتى الآن هم يعيشون على الهامش ويعيقون النمو الاقتصادي. وليس صدفة أن دول الخليج قد رفضت استيعاب لاجئي الحرب السورية. وتجدر الاشارة إلى دولة واحدة على الأقل، تضررت من هؤلاء اللاجئين، وهي العراق. إن العراق الذي طرد اليهود الذين عاشوا فيه حصل على عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، الفلاحين غير المثقفين.

إن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين لم يتمكنوا من ملء الفراغ الذي تركه اليهود الذين عملوا في التجارة والمناصب الادارية الرفيعة والطب والاقتصاد والعلوم. وفي السياق الاقتصادي الاكاديمي تجدر الاشارة إلى الحاصلين على جائزة نوبل في إسرائيل مقارنة مع العدد في الدول العربية: خلال 69 سنة من وجود دولة إسرائيل، حصل 12 إسرائيليا على جائزة نوبل، وفي إسرائيل فإن نسبة الفائزين قياسا إلى عدد السكان هي الأعلى في العالم. وفي المقابل، في العالم العربي كله حيث يوجد مليار ونصف مليار شخص، حصل اربعة اشخاص فقط على جائزة نوبل. هذا المعطى يعكس الاولويات الخاطئة، حيث لا يعطى التعليم مكانته الملائمة. وهذا ما يميز الدول العربية رغم التقدم الذي يعتمد على العلم، وفي الفترة التي تتميز بالتبادل التجاري، العلمي والتكنولوجي، معظم الدول العربية تعتبر متخلفة.