أقلام القراء / الكاتب جمال مزراحي 
الثورة الفرنسية والرد على شبهات الكتاب العرب 

يتهم الكثير من الكتاب العرب اليهود بأنهم وراء إندلاع الثورة التي جرت في فرنسا عام 1789 والتي امتدت حتى عام 1799 بذريعة اسقاط السلطة الدينية (الكنيسة) وفصلها عن معترك الحياة السياسية والإقتصادية مضيفين _ أي الكتاب العرب_ بالقول (إن الشعارات التي آمن بها وتبناها الشعب الفرنسي لم تكن موجودة في الأبعاد الفرنسية قبل نشوب الثورة)! .

قافزين على ما كان يعانيه الشعب الفرنسي آبان الحكم الملكي من سوء الأوضاع المعيشية وضاربين المطالبات التي كانت تنادي بالحرية والإستقلال عرض الحائط!.

اذا نظرنا الى موضوع الثورة الفرنسية من زاوية حيادية سنكتشف على الأقل حماقة آراء وإتهامات الكتاب العرب التي ذكرت في بداية السطور فاليهود كانوا في اوربا وفرنسا (أي في القرن الثامن عشر) يعانون أشد انواع الإضطهاد والإهمال فضلا عن تصنيفهم في المراتب الدنيا تحت مستوى العمال والفلاحيين الفرنسيين المسيحيين فكيف يمكن لفئة مسلوبة الإرادة ومجردة من كافة الحقوق والإمتيازات تقوم بقلب نظام ومجتمع رأسا على عقب بهذه البساطة ؟! كما يدعي الكتاب والمؤرخين العرب لماذا لا نقول بأن سوء الأحوال الإقتصادية وازدياد حالات الوفاة كان بحد ذاته سببا كافيا يمهد لنشوب هذه الثورة المجيدة التي اقالت النظام الملكي المطلق فيما بعد وقلصت من سلطة النبلاء والإقطاعيين وقد تبع ذلك أيضا تأسيس النظام الجمهوري الذي عرف بمراعاة حقوق وحريات كافة طبقات الشعب الفرنسي دون تمييز بعد زوال المظاهر الإستبدادية دون رجعة .

اقتحام سجن الباستيل / صورة الرسام Jean-Pierre Houël

الحديث عن الثورة الفرنسية على أساس إنها مؤامرة دبرها اليهود ( الذين كانوا يعانون الظلم والحرمان ويرزحون تحت مستوى خط الفقر)! هو حديث لا يعدو إلا ان يكون مجرد اكاذيب وخزعبلات خيالية بشكل أو بآخر لكن يبدو بأن المثقفين العرب قد تجاهلوا مبادىء الثورة الفرنسية النابعة من رحم المجتمع وفضلوا إختلاق الأكاذيب والإفتراءات ليوهموا العالم بها من جانب آخر لم يتحدث المؤرخين الفرنسيين ولا الأوربيين عن وجود مؤامرة أو ما شابه ذلك وإلا لماذا بقوا صامتين إلى الآن رغم مرور هذا الزمن الطويل على إندلاع الثورة الفرنسية ؟!.

الحقيقة ان الإدعاءات والتلفيقات التي يسوقها الكتاب والمؤرخين العرب هي في حقيقة الأمر جاءت بترويج من الأنظمة العربية ورجال الدين العنصريين لأن ما ذكرناه من الأسباب التي أدت الى قيام هذه الثورة تكاد تقترب من المنطق أكثر من إدعاءات الكتاب العرب الذين غفلوا وتغافلوا عن غزوات اجدادهم الهمجية للأقوام المجاورة لمجرد انها لم تقبل الدخول في دينهم وقد رافق ذلك كل انواع القتل والتقتيل وفرض الجزية وغيرها من الأعمال التي يئن لها الضمير الإنساني .

عملية خلق الأكاذيب والإتهامات ليست صعبة على المثقفين العرب خاصة بأنهم يجيدون فن التلاعب بالكلمات والبارونويا الهستيرية إضافة إلى التهديد بالنظرات وحركات الأيادي يدفعهم في ذلك خوفهم من شبح نظرية المؤامرة المصطنع الذي سيقودهم فيما بعد الى الجنون الجماعي وربما الإنتحار إن شاءت الضرورة فكفاكم كذبا وخداعا وتزويرا واحترموا التاريخ ان كانت لديكم شيئا من القدسية رغم اننا نستبعد ذلك فلن ولن ننتظر ما هو قادم منكم لأننا سنعرفه ونتيقن بحدوثه بلا شك ! .

 ان المقالات المدونة في هذه الخانة تعبر عن اراء اصحابها, ولا تلزم الموقع بمحتواها

2 תגובות

  1. لا شك ان لليهود دورا كبيرا في تطور الحياة وتقدمها في كل المجالات المختلفة الانسانية والعلمية والاقتصادية فهم الذين اوجدوا الاديان التي سميت بالسماوية وكل الافكار التقدمية الحرة  التي تسعد الانسان وترفع من شأنه فهم وراء كل ثورة تدفع الانسان  والحياة الى التقدم الى الخير الى المحبة الى النزعة الانسانية هم وراء الثورة الفرنسية وهم وراء الثورة الاشتراكية وهم وراء ثورة الحرية والتغيير في كل مكان فليس عار عندما يتهم اليهود بانهم وراء الثورة الفرنسية انه فخر واعتزاز  لكن اليهود تغير وضعهم بعد تأسيس دولة اسرائيل حيث تحولوا من النزعة الانسانية الى النزعة العنصرية من حب الاخرين والتضحية لهم الى حب الذات  ومنفعتها حتى لو كان على حساب الاخرين

    1. أهلا بك صديقي مهدي وأرجو أن لا تكون منزعج فاختلاف وجهات النظر أمور طبيعية
      لا تفسد في الود قضية كما يقولون .

      إن الحديث عن دور اليهود بالوقوف وراء الثورات الأوربية هو حديث يحتاج الى
      التدليل والتمحيص , ولو رجعنا الى القرن الثامن عشر (الذي كان اليهود فيه شبه
      مغيبين عن دورهم الاجتماعي والسياسي ),  لاستنتجنا
      بأن الثورة بكل معانيها لا يمكن ان تقوم بها جماعة تعاني من كل انواع الظلم
      والإقصاء كما ذكرت في مقالي تستطيع ان تقول ان كثير من المفكرين اليهود قد ناهضوا  الأنظمة الأوربية الملكية بسبب استبدادها المطلق
      فضلا عن المطالبات الملحة والتي تتضمن انهاء معاناة اليهود وتوفير السلام والعيش
      الكريم لهم لكن للأسف لم يستجب احد لهذه المطالبات ولا ننسى بأن الشعوب الأوربية
      المسيحية تشكل الغالبية الساحقة داخل  مجتمعاتها
      فنستطيع ان نجزم بأن الأوربيون هم الذين قاموا بثوراتهم تجاه انظمتهم الاستبدادية
      دون مساعدة احد كما يقول البعض  .

      أما الحديث عن تحول إسرائيل الى دولة عنصرية بعدما كانت منفتحة كما
      تفضلت  فلا اعتقد بأن هذا الحديث صحيح فالمجتمع
      اليهودي تسكنه الكثير من الطبقات الغير يهودية  حتى ان بعض العرب يملكون الجنسية الإسرائيلية
      ويعيشون  داخل اسرائيل معززين مكرمين ولا
      تنسى في نفس الوقت  ان اسرائيل تنظر الى
      محيطها الاقليمي بريبة وقد يدفعها هذا الأمر الى تبني بعض المواقف الحازمة  خوفا على وجودها وإيمانا بعدالة  قضيتها فهذا الأمر طبيعي ولا يمكن ان يؤثر في  مفهوم الديمقراطية داخل اسرائيل .

      شكرا على تعليقك وتحية لك .  

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *