مصطفى عبدي _صحفي من كوباني

"في الوقت الذين كانت فيه طائرات التحالف الدولي تحتاج لقطع الاف الكيلومترات لقصف اهداف لتنظيم داعش في كوباني، وتل ابيض، وجرابلس، وقتل مسلحيه. كان الجنود الاتراك على بعد امتار منهم يتبادلون الاحاديث، والزيارات"

تحرير التقرير: مصطفى عبدي

اعترفت صحيفة ترك بريس التي تملكها المخابرات التركية أن العلاقات التركية الأمريكية تقترب من حافة الانهيار، وان السياسة التركية وعنادها على مواجهة الكرد في سورية ورهن كل مواقفها من الازمة السورية خلال العامين الاخيرين بتحدي الكرد جعلها تفقد مركزها ودورها في المنطقة. ولعل ما كشفه المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي بريت ماكغورك عن دعم أنقرة لتنظيمات إرهابية مقربة من القاعدة في إدلب، اضافة لاتهامات من قبل مسؤولين غربين، ووسائل اعلامية تركية معارضة وغربية بدور تركي في دعم داعش وميليشيات المعارضة السورية وتسهيل دخول السلاح الى سورية والذي كان غالبه ينتهي اما الى داعش او جبهة النصرة بالاضافة الى فتح حدودها ليتخذها المسلحون كطريق امن للسفبر من والى سوريا بدون اي اعتراض من قبل حرس الحدود التركي والذي لا يتوان عن قتل المدنيين مقابل منح حرية تامة للمسلحين بالعبور مع الاسلحة والذخيرة. وكانت صحيفة ”جمهوريت“ التركية المعارضة، قد كشفت في مقال لرئيس تحريرها -الجمعة 29 مايو/ أيار- مرفق بفيديو لشحنات الاسلحة التي تقدمها المخابرات التركية الى المعارضة السورية -بينهم جبهة النصرة- في سورية قد قال في مقاله "هذه الشحنات ليست سر تركيا بل سر رجب طيب أردوغان".

صحيفة "الغارديان " كشفت في تقرير ان الهجوم الذي نُفذ على محل إقامة رئيس مالية "داعش" ايالر 2015، اعطى الولايات المتحدة، دليلا واضحا على أن المسئولين الأتراك كانوا على تواصل مباشر مع عناصر ورتب عالية من تنظيم "داعش", حيث كان هذا المسئول الذي قتل في الهجوم، والذي يحمل اسم"أبو سياف"، مسئولا عن إدارة عمليات النفط والغاز يتعامل مباشرة مع مسؤولين اتراك. حيث كشفت وثائق عن وجود ما سمي بـ" علاقات واضحة " و "غير ممكنة الإنكار"، بين كل من "داعش" وتركيا, فكما قال مسؤول غربي كبير ملم بالشؤون الاستخباراتية لصحيفة الغارديان: "من الممكن التوصل أخيرا إلى أن كل من أنقرة و"داعش" متورطتان في علاقة سياسية عميقة ". "جو بايدن " اتهم تركية من خلال غض الطرف عن عمليات التهريب الواسعة التي تتم عبر الحدود للأسلحة والمقاتلين.

 

فتحت تركية حدودها منذ العام 2013 أمام موجهات هجرة المسلحين من دول العالم الى سورية عبر اراضيها، تنظيم "داعش" استخدم  الأراضي التركية للعبور إلى سوريا، واستمر تدفق "المقاتلين" حتى عندما بدأ العمل على تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، تزايدت الضغوط الأميركية والدولية على تركيا لدفعها نحو اتخاذ موقف واضح وعملي بالانضمام للتحالف واغلاق حدودها ووقف تمويل الجماعات الارهابية وتوّجت هذه الضغوط بزيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى أنقرة في 2014، وذلك بعد يوم من رفض الأخيرة التوقيع على بيان اجتماع جدة الإقليمي الذي شكّل نواة تحالف دولي تشارك فيه 10 دول عربية لمواجهة "داعش" كما جاءت في أعقاب رفض تركيا المشاركة في عمليات التحالف الدولي المسلحة ضد التنظيم بحجة ان التنظيم يحتجز دبلوماسيين اتراك في الموصل وإن "الانخراط المباشر في العمليات ضد التنظيم سيقوّض مساعي الإفراج عنهم" وتم الافراج عنهم لاحقا بمفاضات مباشرة بين المخابرات التركية والتنظيم .

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية كشفت كذلك اتهامات من قبل مسؤولين امريكين لتركية عقب الهجوم الانتحاري الذي استهدف مطار "أتاتورك"، "تركيا تدفع ثمن دعمها لداعش، السلطات التركية لعبت دور مركزي ومعقّد في تاريخ تنظيم داعش منذ تأسيسه حيث وفّرت للمسلحين القادمين من الغرب ممراً آمنا عبر حدودها إلى الأراضي السورية" وفق التقرير الذي أشار إلى أن الدليل على أن إدارة أردوغان غضّت الطرف عن مرور المتشدّدين عبر أراضيها إلى سوريا، هو أختام الدخول على جوازات سفر العديد من المسلحين، والتي تم العثور عليها في ملابس جثث بعضهم الذين قتلوا في سوريا. كما نقل التقرير عن معلومات استخباراتية أن مسلحي "داعش" كانوا يستخدمون هواتف تركية للتواصل مع ذويهم في الخارج، كما كانوا يقصدون المناطق الواقعة جنوبي تركيا لقبض تحويلات مالية بعلم المخابرات التركية.

مبعوث روسيا الدائم في الأمم المتحدة اكد في رسالته الى مجلس الامن في 1 نيسان 2016 إن تركيا هي المصدر الرئيسي لتوريد الأسلحة والمعدات العسكرية لتنظيم "داعش" الإرهابي. وإن موسكو قدمت لمجلس الأمن الدولي أدلة بالأرقام، على توريد تركيا للأسلحة والمعدات العسكرية بشكل غير قانوني لتنظيم "داعش" في سوريا. وتستخدم المنظمات غير الحكومية لنقل الأسلحة عن طريق قوافل السيارات التي تحمل المساعدات الإنسانية باشراف الاستخبارات التركية وأن الجماعة الإرهابية تلقت مواد متفجرة بقيمة 1.9 مليون دولار خلال العام الماضي فقط.

2500 طن من نترات الأمونيوم، وتبلغ قيمتها نحو 788700 دولار إضافة إلى 456 طن من نترات البوتاسيوم البالغة قيمتها 468.700 دولار، كما تلقى التنظيم الإرهابي 75 طن من: مسحوق الألومنيوم بقيمة 496.500 دولار ونترات الصوديوم بقيمة 19.400 ألف دولار وجلسرين بقيمة 102.500 دولار وحمض النيتريك بقيمة 34 ألف دولار ، وذلك خلال عام 2015 فقط عن طريق الأراضي التركية.

التصريحات الغربية – خاصة الامريكية – بدأت تأخذ منحى التهديد. تركية باتت اقرب لتكون ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو أمر بات مكشوفا والمسؤولون الاتراك لم يعد يمكنهم اخفاء تورطهم مع ظهور المزيد من الادلة التي تكشف تورطهم في الاعمال الارهابية، فـ الوحدات التابعة للأمن القومي الأمريكي باتت اليوم اكثر ثقة بالدور التركي السلبي مثلها مثل روسيا والتي عمدت مؤخرا على اقصاء تركية عن المشهد السوري من خلال تفعيل دور القاهرة في اتفاقيات المصالحة -الهدنة- التي عقدت المعارضة المسلحة والتي تدعم تركية غالبها وبين النظام في درعا، ودمشق وحمص.

الصحيفة التركية لم تخفي ان سياسة اردوغان دفعت جميع الوحدات التابعة لأجهزة الأمن القومي بان تفكر بضرورة عمل شيء ما ضدها. لا سيما بعد أن نقلت المانية جنودها من انجرلك، والمزاج الاوربي عامة بات ضد تركية التي تستغل ورقة اللاجئين السوريين لابتزازهم، كما وان خطوة قيام تركية بشراء منظومة الدفاع الجوي إس-400، من روسيا ابعدها اكثر من حلف الناتو وامريكا، اضف ان الدعم الامريكي الصريح لوحدات حماية الشعب الكردية مقابل قطع الدعم عن المعارضة المسلحة -التركية- وفشل كل الجهود التركية الرامية لعرقلةو مع الرقة او قطع الدعم عن وحدات حماية الشعب كانت رسالة واضحة لتركية بأن الولايات المتحدة ستتخذ المزيد من الخطوات لاصلاح اخطاء الادارة السابقة ولثني تركية التي كانت تراهن على نجاح ثورة الاخوان بدءا من تونس حتى ليبيا ومصر وسوريا وتحجميم دورها اكثر في الشرق الاوسط.

نشاط وكالة المخابرات المركزية الامريكية مع وحدات حماية الشعب الجاري الان في معركة الرقة كشف الكثير من الوثائق التي تدين تركية، من خلال ما القليل من المعلومات التي تركها داعش في مقراته او في اجهزة الموبايل و الكمبيوتر. رغم ذلك فهنالك الكثير مما يمكن الاعتماد عليه لكشف الدعم الذي كانو يتلقوه من تركية وان كان غير مباشرا، هذا عدا عن اعترافات قاعدة وعناصر التنظيم الذين يتم اعتقالهم في الرقة او قبلها في منبج والشدادي.

لعل الصحيفة التركية كانت واضحة للغاية، حينما اعتمدت على مقال لاحد محرريها، والذي يعيش في واشنطن وهو يحذر اردوغان من مغبة التمادي اكثر في سياساته، وان البيت الأبيض، وكل الوكالات الامنية والعسكرية متفقة على الدور التركي السلبي ولن يتوانى الرئيس الامريكي عن اتخاذ ما يلزم من اجراءات ضدها وانه سيترك اجهزة الاستخبارات لتمضي في خططها لاتهام تركية مباشرة وتحمل عواقب تصرفاتها، رغم ذلك يبدو ان تركيا ما تزال تراهن على أن تغيير الادارة الامريكية سياستها تجاه تركية، وتقطع الدعم عن الكرد في سوريا. الصحفي كتب في ختام مقاله "منذ سنوات طويلة وأنا أتابع الوضع في واشنطن. وفي الفترات التي لم أكن فيها أعرف تاريخ سير الأحداث الداخلية. لم يكن الوضع في يوم من الأيام مفتوحًا على مخاطر ضد تركية كما هو اليوم" وحذر "في هذه الأيام، التي من المنتظر تعيين سفير أمريكي جديد فيها بأنقرة، ينبغي أن يتدخل رجال الدولة القادرين على التفكير بعقلانية و يحولوا دون الوصول إلى حافة الانهيار".