أقلام القراء / الكاتب جمال مزراحي
ربيع مليء بالسموم

الثورات التي قامت بها الشعوب العربية, والتي من المعروف اسبابها كثيرة ومتعددة سبق وان ذكرناه, في مواضيع سابقة والتي كان من نتائجها, الإطاحة بمعظم الأنظمة العربية, بعد سنوات كثيرة من الإستئثار, والإستبداد الذي مارسته, هذه الأنظمة بشكل واضح ولكن رغم زوال هذه الأنظمة الدكتاتورية, وذهابها الى مزبلة التاريخ, الى ان الوضع داخل المجتمعات العربية, لم يتغير بل سار نحو الأسوء, ان صح التعبير فقد بدأت بوادر الفوضى, والإنقسامات تظهر بشكل جلي, في الداخل العربي فضلا عن ظهور الإصطفافات الدينية, والمذهبية التي تعتبر نتيجة مكملة للفوضى, وعدم الإستقرار السياسي كما حدث في عراق 2003, والأسوء من ذلك ايضا فوز الإسلاميين وسدنة المعابد, الذين اصبحوا البدلاء للأنظمة الراحلة بعدما كانوا في دكة الإحتياط , يتربقون الأمور ويخططون ببطىء وخذ مصر كمثال, التي لا زالت تعاني من انقسام سياسي و اجتماعي حاد , فالصراع لا زال دائر بين الإسلاميين من جهة والعلمانيين من جهة اخرى, يجمعهم هدف واحد هو الفوز بالسلطة و الحصول على اكبر المكاسب, وبالتالي انعكس هذا الصراع والإنقسام, على الشارع المصري ما أدى الى حدوث اعمال عنف وفوضى, راح ضحيتها الكثير بين قتيل وجريح, اما في سوريا فالوضع اسوء بكثير من مصر, فما زال القتال مستمر بين المعارضة المسلحة الذين يعرفون بالجيش الحر, والنظام السوري والضحية بالتأكيد هو المواطن البسيط, الذي لا حول له ولا قوة فالنظام لا زال متمسكا بقوة بعصا السلطة, ويضرب بالمبادرات الدولية عرض الحائط, يدعمه في ذلك ايران وروسيا, اللذان يعتبران سوريا بمثابة الإبن المدلل, الذي لا يمكن ان يتخلوا عنه بأي شكل, اما المعارضة فلا زالت مصرة على اسقاط النظام, غير مبالية بالعواقب , و بالشعب السوري الذي لا زال يقتل ويشرد, بأسلحة وصواريخ النظام, مدعومة _اي المعارضة_ بتركيا وقطر والسعودية .

فهل هذا هو الربيع العربي, الذي يبدو بأننا انخدعنا به دون ان نعلم! يبدو إنه ربيع مليء بالقيح, والسموم فلطالما هنالك, اقليات متناحرة لا تؤمن بمبدأ الديمقراطية والتعددية, والتداول السلمي للسلطة فلا يمكن ان تقوم في المنطقة العربية أي قائمة, فالشعوب التي عانت من دكتاتوريات سحيقة , لا يمكن لها ان تؤمن بالتجربة الديمقراطية وتستوعبها في يوم وليلة, ويجب ان لا ننسى دور الاعلام العربي, الذي لم يتغير عن سابقه, بل اصبح اعلاما منقسما تبعا لانقسام الشارع, فالجماهير العربية تنتخب ممثلها لأنه فقط ملتحي,! و محسوب على الإسلاميين,! لا لأنه يصلح ان يكون حاكما في البلاد, وهنا تكمن المصيبة, ويجب ان لا نغفل عن نقطة مهمة في نفس الوقت, إلا وهي التدخل الخارجي الذي بات يلعب دورا خطيرا فيما يجري هناك, فهنالك بعض الدول الإقليمية التي لا تريد ان تستقر الاوضاع, في المنطقة العربية لأن ذلك لا يتماشى مع مصالحها واهدافها, وايران لها الحصة الأكبر في هذا الموضوع, تتبعها في ذلك تركيا ودول الخليج العربي .

نستنتج من كل ما ذكرناها انه لا يمكن للصراع الذي لا يزال قائما في المجتمعات العربية, ان يحل بصراع آخر وبعنف آخر, فالعنف لا يولد إلا المزيد من العنف كما نعلم, لكن يبدو ان قطار الحلول و الأمنيات قد فات أوانه, على الحالمين بربيع جديد!, لطالما بات الإخوانيين والسلفيين الجهاديين, هم اللاعبين البدلاء, ورجال المرحلة القادمة!, فهؤلاء سيخدرون المجتمع بشعاراتهم, وخطبهم الرنانة كما سنرى, وسيعملون على تأسيس ديكتاتوريات جديدة, ستكون اسوء من نهج الانظمة الراحلة , فلا يمكن للدموي والمتطرف, ان يكون حاكما عادلا, وديمقراطيا نزيها, لأن ذلك اشبه بحلم ابليس في الجنة كما يقولون!, بمعنى ان الوضع في البلدان العربية, سيكون اسوء واكثر سوداوية من السابق ولنا في مصر وسوريا خير مثال!.

 

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *