موقع إسرايئل بالعربية
أقلام القراء / شذا حداد

لا يكفي أن تكون موريتانيا موهوبا، كعبد الرحمن سيساكو، حتى تحتل مرتبة متقدمة في قائمة "الأوسكار"، ولا يكفي أن تتمتع بحس سينمائي مرهف، ويرافقك فريقا فنيا هو الأفضل على الإطلاق لتحصل على أرفع جائزة دولية، فللإوسكار وصفة أخرى حبذا لو تكون ذات طابع سياسي بحت.

المخرج الموهبة، في رصيده أكثر من فيلم رائع، وبحوزته العديد من الجوائز، لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها في أنها ستوصله كعربي إلى العالمية من خلال فيلمه “تومبوكتو" الذي يصور لهمجية الإسلاميين في مالي، همجية لم يسبق لها مثيل، يقول صناع الأوسكار، فهناك في "مالي" عاث الإسلاميون الطارؤون فسادا بربريا لا يجب أن يمر هكذا، وعلى العالم أن يرى ماذا يعني الإجتياح الإسلامي لبقعة كانت مضيئة، مدرجة على قائمة التراث العالمي حسب تصنيف "اليونيسكو" الثقافي.
“تومبكتو" مدينة يعيش سكانها السلام والأمان، يأتي من يسرق المخطوطات وينهب الأثار ويدمر الحياة بتفاصيلها، والتفاصيل هي لعبة مخرج كعبد الرحمن، نجح في تصوير النازيين الجدد، من حملة الهوية المسلمة، وممارساتهم في بقاع مختلفة من العالم.
فعندما يحاول أحد ما مطاردة غزال شارد وسط صحراء ساكنة ، فهو نازي بهيئة مسلم، من يقول على الأصنام أن تموت فهو نازي، على الأقل من وجهة نظر الفيلم.

"ملصق فيلم تمبكتو" من ويكيبيديا
"ملصق فيلم تمبكتو" من ويكيبيديا

عبد الكريم، جزائري ضمن تنظيم الدولة الإسلامية الذي دخل المدينة، يتكلم العربية بطلاقة، أحد أبطال الفيلم ولم يعرف جيدا ملابسات حياته التي دفعته ليكون جهاديا، لم يعرف ما إذا كان نبيلا يوما ما، رغم دفاع المخرج عن فرضية أن الجهاديين بشر مثلنا، يكونون في لحظة ما جيدون، لكن الفرضية أتت ضعيفة وسط هذه النفسية القابلة للإرهاب في أي لحظة، فمن يحبس أنفاس الآخرين ، من يحاول ملاحقة أبسط حقوق الحياة وينتهكها فهو حتما اليوم جهادي مسلم لا يريد الخير للمجتمع وللبلاد.

يسيء الإسلاميون لسكان "تومبكتو" المالية بطريقة تخرج من إطار سينمائي إلى آخر واقعي، فيأتي الجهاديون ليجلدوا إمرأة حاولت الغناء، ويجبروا فتيات ماليات من قبائل الطوارق على الزواج دون قبول ورضى منهم، ويصروا على ارتداء الكفوف أثناء بيع السمك، فتبدو مدينة "سيساكو " في قمة الحزن والرثاء، حزن خلفه هؤﻻء المارقين أصحاب الهوية العابرة للقارات بصفة إرهابية.
حزن يخيم على البلاد يدفع الأهالي إلى المقاومة السلمية اللاعنفية، فهناك أبطال ذهبوا الى لعب كرة القدم المحرمة في قواعد الشريعة، دون كرة، وهناك أبطال هاموا على أنفسم في الصحراء بعدما رأوه من خساسة الإسلاميين عندما قتلوا الجميع دون مبرر.

ينحاز "المخرج" قليلا إلى أحد أبطاله من الجهاديين الخبيثين، فيصور أحد المترجمين الناطقين بلغات عدة، وهو ليبي يحاول أن يظهر كرجل طيب لكنه لا يملك الحيلة لفعل شيء فيستمر بالتواجد في صفوف الجهاد.
صفق العالم لصاحب رائعة "من راستوف إلى لواندا" على إبداعه في تجسيد بشاعة الإسلامويين، عندما يحكمون ويتحكمون، في توقيت يعلن العالم أجمع كراهتيه للمسلمين وتطرفهم.

هنا في فرنسا خرج الفرنسيون ممتعضين من مجريات الاحداث في "مالي" مؤيدين في قرارة أنفسهم للوجود العسكري هناك، كأفضل وسيلة لوقف هجمة المسلمين على مدينة آمنة وسكانها عزل، هؤﻻء الغرباء الذين جاؤوا من مدن عربية شتى كالمغرب والجزائر وليبيا لفرض شريعة الجاهلية الأولى، إنها سنة رسول الله بدت في أبشع حلة، صورت و كما لو إنها الفظاعة البشرية، لتجيب بنفسك وبسرعة على تساؤل: “هل مستعد لرؤية نموذج إسلامي بشع في مدن أخرى غير "تومبكتو"، فتسارع إلى القول: لا !!

إنه السؤال المباشر الذي يطرحه حاليا الكاتب والروائي "ميشيل ويلبيك الروائي الذي يحظى بشهرة وانتشار واسعين، وسبق له أن فاز بجائزة «غونكور» يسأل في عمله الجديد «خضوع» هل تستطيع دولة كفرنسا العيش في ظل حزب إسلامي؟ يتخيلها وهو يحكمها ابتداء من سنة 2022، هذه القضية الآن تطرح روائيا وتعالج سينمائيا.
رغم الإعجاب الشديد بهذا الموريتاني، صاحب التجربة السينمائية الفريدة، مخرج "في إنتظار السعادة" الذي أبهر صناع "كان" العام الماضي، ممثل العرب الآن في المحافل الدولية، في وقت غاب الأخرون عن منصة أوسكار، من جزائريين ومغاربة وفلسطينين، البعض أتمنى أن يكون حصوله على الجوائز قد أتى في سياق آخر مختلف تماما عما هو الآن، فالأوسكار لو منحت له ستمنح سياسيا.

نتذكر سابقا قبل أن يخيم خطر الإسلاموفوبيا على أوربا، كيف أهمل فيلم" طريق العدو" للجزائري "رشيد بوشارب" ومرّ دون جائزة رغم كل الضجة التي أحدثت في مهرجان "برلين" السينمائي، على خلفية تصوير" بوشارب" لقدر السجين الأسود غارنيت الذي اعتنق الإسلام، بعد مرور 18عاما عليه في سجن نيومكسيكو الأمريكي، ليحصل على الإفراج المشروط بعدها ويعود إلى مدينته وهو يأمل أن يمزق تلك المرحلة من حياته الإجرامية، وينصب هاجسه في العودة إلى حياته الطبيعية والاندماج بعدها في المجتمع لكنه سيحاصر بالرقيب الذي سيحوّل حياته إلى جحيم، كان فيلما يوثق لعلاقة الغرب مع المكون الإسلامي.
كم صعب أن تعيش السلام لسنوات ثم يأتي فجأة من يدمره بكبسة زر، يقول "سيساكو" في لقاء صحفي: "هم يقتلون البشر ليدخلوا التاريخ" هل كانت رسالته للعالم، أم رسالة العالم في هذه اللحظة للمسلمين.

 

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *