أقلام القراء
الكاتب: أحمد الباكري

في تلك الليلة هبت رياح صحراوية حارة ، قامت والدتي بحمل الفراش الى السطح حيث اعتدنا ان ننام صيفا وثبتت الناموسيات ووضعت قارورة الماء على البالكون كي تبرد ، ربما تريد تجاهل تغيير الفصل او انها تخشى هبوب عواصف رملية ربيعية تلون أجواء المدينة باللون الاحمر.
أما والدي فقد كان يخشى أنواعا اخرى من الرياح،الرياح التي هبت منذ اعدام التاجر اليهودي الثري (شفيق عدس) وكأنها سيف بتار،فقد كانت الشرطة السرية العراقية تفتش المنازل كل ليلة بحثا عن الاسلحة وكتب التعليم العبرية المنتشرة بين الناس، المئات من اليهود تم نقلهم الى غرف التعذيب واجبروا على الاعتراف بعد اجراءات سريعة من النظام العسكري. لقد كنت صغيرا على التفكير بالموت لكن مصير شفيق عدس جعلني في قلق وعدم ارتياح ،فحركة صغيرة لعجلة الحظ أدت برجل قوي النفوذ يتربع قمة مهنته الى حبل المشنقة ولي ان اتصور صياح الرعاع في ساحة الاعدام ، بعد أن حكى لي العجوز (حياوي) وعمي (حسقيل) ماجرى هناك .
بهذه الكلمات يبدأ المؤلف ((ايلي أمير*)) كتابه (مربي حمام من بغداد) الذي يحكي قصة معاناة يهود بغداد قبل نهبهم وترحيلهم من العراق الى دولة اسرائيل، وتدور أغلب احداث الرواية في بغداد في سوق حنون (الحي اليهودي) حيث تفوح رائحة الخبز من مخبز اليهودي أبو صالح ويعلو ضجيج الاطفال وحيث يتزايد الخوف من الشرطة السرية التي اعتقلت عم المؤلف (حسقيل) لتحريضه على الهجرة الى دولة اسرائيل ، ويستعيد المؤلف ذكرياته عن اضطهاد اليهود قبل عدة سنوات ويستعرض النقاش الذي دار حول اسرائيل داخل محيط عائلته وقناعة والده بان هناك حياة اكثر سعادة واستقرار في الدولة الجديدة ،في حين ترى والدته في العراق دولة الاجداد التي تمكن اليهود من التعايش فيها .

 


يعد هذا الكتاب وثيقة تأريخية وسيرة ذاتية عن حياة اليهود في العراق خلال الفترة التي سبقت حرب عام 1948 ومابعدها ، كيف عاشوا بسلام هناك ،كيف أحسوا بانتمائهم الى العراق-موطن النبي ابراهيم وموطن ابائهم وأجدادهم-،وكيف أضطروا لمغادرته تحت ضغط تشدد وحقد بعض الجهات هناك .ويكشف المؤلف عن علاقة اليهود بالملك فيصل وبالحكومة التي أعقبته برئاسة الوصي عبد الاله ومن بمعيته من رجالات الدولة من بينهم نوري السعيد ،وكذلك يتحدث عن علاقته باليهود الاثرياء أمثال (اماري الكبير) الذي أصبح ضيف حفلاته وموطن أسراره وعن رأيه باعدام اليهود وفكرة الهجرة الى اسرائيل وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ،وعن موالاته للانكليز وعدائه للشيوعيين وعلاقته بالمطربة اليهودية سليمة مراد (سليمة باشا) التي يحرص على حضور حفلاتها ويشعر أمامها بالضعف .وفي الفصول الاخيرة من الكتاب يصف المؤلف وصفا دقيقا مشاعر اليهود وهم يتأهبون للسفر الى اسرائيل وتقبيلهم الارض عند وصولهم وعلامات البهجة والسرور البادية عليهم وكذلك حنينهم الى الحياة في بغداد- جنة العبير المعطرة بعبق دجلة- حسب وصفه .

باختصار ان هذا الكتاب يحوي معلومات هامة تصلح أن تكون مادة لبحوث عديدة في مجال التأريخ والاعلام والسياسة ،فقد ضم أسماء بارزة في حكومة نوري السعيد ممن أثروا في الحياة السياسية وعلاقاتهم الحميمة بيهود بغداد أنذاك .


• ايلي امير/ نشأ في العراق وهاجر الى اسرائيل عام 1951 ،درس الادب العربي وعمل سكرتيرا لشمعون بيريز ومستشارا في قضايا التعليم، له بعض المنشورات السياسية والاجتماعية، ألف روايتين أفضلهما (مربي حمام من بغداد )التي حاز عنها على عدة جوائز أدبية وتمت ترجمته الى 8 لغات .

أقرا المزيد:
الجالية الاسرائيلية في بابل – العراق

ان المقالات المدونة في هذه الخانة تعبر عن اراء اصحابها, ولا تلزم الموقع بمحتواها

 

18 תגובות

  1. مساء الخير عليك استاذ احمد..  دعني أقل لك بأنك توقض آلامنا بمقالاتك التي تتحدث عن ما عانوه اليهود في العراق  من شتى انواع القتل والإضطهاد   قبل ان يتركوا هذه الأرض العزيزة على قلوبهم وياهجروا الى فلسطين وللتاريخ   سجل طويل   في هذا الأمر شكرا على مقالكم الجميل ..

  2. مساء الخير عليك استاذ احمد..  دعني أقل لك بأنك توقض آلامنا بمقالاتك التي تتحدث عن ما عانوه اليهود في العراق  من شتى انواع القتل والإضطهاد   قبل ان يتركوا هذه الأرض العزيزة على قلوبهم وياهجروا الى فلسطين وللتاريخ   سجل طويل   في هذا الأمر شكرا على مقالكم الجميل ..

  3. مساء الخير استاذ احمد …

          نحن نحتاج كثيرا" لفتح موضوع المكون اليهودي العريق الذي غادر العراق مجبرا" بفعل سياسات القبائل السلطوية ، كان اليهود شريحة من العراق أثروا البلد بكل ماهو ذو فائدة ومنفعة وتميز،  والآن فإن الغالبية المسلمة  عجزت عن  تأسيس بناء سياسي وأقتصادي وأجتماعي  محترم ، ناهيك عن القطيعة المستمرة مع العالم المتحضر الذي يرفض التواصل مع  البلدان المرتبكة الرجراجة ، لوكان الاسرائيليون موجودون في العراق لتمكن البلد من فتح قنوات تواصل مع الجانب  المتطور من العالم بدل الأنجذاب المتزايد من قبل الشيعة نحو ايران  المنغلقة  ، والسُنة نحو الاقطار العربية  المتأخرة ، وأنفصال الاكراد وهجرة المسيحيين وتهميش الاقليات ، هكذا هو العراق حاليا" وسيكون لقمة سهلة المضغ لكل راغب بأبتلاعه  بعد أن انتصرت المقاومة  الجاهلية  وخرج الامريكان لأن الامريكيين عجزوا عن اقناع  دولة  الكارتون  لتكون دولة ذات شأن ، وعجزوا عن اقناع  المجتمع العراقي  ليلتفت الى الدمقراطية والبناء بدل الانسياق وراء أباطرة الطوائف .

           عزيزي استاذ احمد … بكل صراحة  أقول أن الاسرائيليين يعانون أشد المعاناة من التفاهم مع الفلسطينيين المطالبين بدولة يحكمها رجال اللادولة  ، فكيف بهم مع البقية!!!

       نمر على القرآن فلا نجد فيه أي ذكر لفلسطين  ورغم ذلك فإن المسلمين العرب يصرخون أن فلسطين هي الأصل ، ولا أدري وفق أي كتاب أو تاريخ أو لغة يتحاور شعب الله مع  هكذا صراخ !!!!

        حتى أنا أعجز عن تفسير أو فهم هكذا عقلية صراخية .

        تحية طيبة لك ولمقالك ، وبالنسبة لي فأنا  سأنقطع عن التواصل في النشر بسبب ظروف أوضحتها للأخ الاستاذ جمال مزراحي ، راجيا" من القدير أن تستقر ظروفي لأعيد التواصل وكلي ثقة بأقلامكم  المباركة .

    1. كلنا دعاء أنا وأستاذ احمد بأن يعنيك الله على ظروفك استاذ باريس وأن يعود قلمك اللامع الذي افتقدناه طويلا  مع التقدير .

  4. مساء الخير استاذ احمد …

          نحن نحتاج كثيرا" لفتح موضوع المكون اليهودي العريق الذي غادر العراق مجبرا" بفعل سياسات القبائل السلطوية ، كان اليهود شريحة من العراق أثروا البلد بكل ماهو ذو فائدة ومنفعة وتميز،  والآن فإن الغالبية المسلمة  عجزت عن  تأسيس بناء سياسي وأقتصادي وأجتماعي  محترم ، ناهيك عن القطيعة المستمرة مع العالم المتحضر الذي يرفض التواصل مع  البلدان المرتبكة الرجراجة ، لوكان الاسرائيليون موجودون في العراق لتمكن البلد من فتح قنوات تواصل مع الجانب  المتطور من العالم بدل الأنجذاب المتزايد من قبل الشيعة نحو ايران  المنغلقة  ، والسُنة نحو الاقطار العربية  المتأخرة ، وأنفصال الاكراد وهجرة المسيحيين وتهميش الاقليات ، هكذا هو العراق حاليا" وسيكون لقمة سهلة المضغ لكل راغب بأبتلاعه  بعد أن انتصرت المقاومة  الجاهلية  وخرج الامريكان لأن الامريكيين عجزوا عن اقناع  دولة  الكارتون  لتكون دولة ذات شأن ، وعجزوا عن اقناع  المجتمع العراقي  ليلتفت الى الدمقراطية والبناء بدل الانسياق وراء أباطرة الطوائف .

           عزيزي استاذ احمد … بكل صراحة  أقول أن الاسرائيليين يعانون أشد المعاناة من التفاهم مع الفلسطينيين المطالبين بدولة يحكمها رجال اللادولة  ، فكيف بهم مع البقية!!!

       نمر على القرآن فلا نجد فيه أي ذكر لفلسطين  ورغم ذلك فإن المسلمين العرب يصرخون أن فلسطين هي الأصل ، ولا أدري وفق أي كتاب أو تاريخ أو لغة يتحاور شعب الله مع  هكذا صراخ !!!!

        حتى أنا أعجز عن تفسير أو فهم هكذا عقلية صراخية .

        تحية طيبة لك ولمقالك ، وبالنسبة لي فأنا  سأنقطع عن التواصل في النشر بسبب ظروف أوضحتها للأخ الاستاذ جمال مزراحي ، راجيا" من القدير أن تستقر ظروفي لأعيد التواصل وكلي ثقة بأقلامكم  المباركة .

    1. كلنا دعاء أنا وأستاذ احمد بأن يعنيك الله على ظروفك استاذ باريس وأن يعود قلمك اللامع الذي افتقدناه طويلا  مع التقدير .

  5. مساء الخير استاذ جمال … انا لست مولعا بتهييج جروح قديمة بقدر ولعي بضرورة تذكير الناس والعالم بمأساة مواطني بلدي الاصليين الذين ظلموا وهجروا من غير ذنب اقترفوه ..فقد كانوا رجال دولة وتجارة وعلوم نفتقدهم الان قبل اي وقت مضى ، استاذ جمال اذا كانت مقالاتي السابقة توقظ الامك والام غيرك فكيف الحال بالمقالات القادمة التي ستسلط الضوء اكثر على يهود العراق وبغداد بالذات فانا مهتم جدا باثارة هذا الموضوع الذي للاسف طواه النسيان ، لن ننسى ابدا كل اولئك اليهود الشرفاء الذي خدموا من دون مقابل وطنهم العراق ولم يجنوا سوى التهجير والطرد …اذا كان بودك ان لا اثير هذا الموضوع لاسباب عاطفية ونفسية فانا مستعد لتأجيله بعض الوقت ولكن لا اعدك بان اتركه ….مع جزيل الشكر

    1. مساء النور استاذ بكر على العكس نحن مولعون بمواضيعك الممييزة لكن كان ردي في هذا الخصوص مجازيا وليس موضوعيا شكرا جزيلا لك وتحية من القلب نوجهها لكم

  6. مساء الخير استاذ جمال … انا لست مولعا بتهييج جروح قديمة بقدر ولعي بضرورة تذكير الناس والعالم بمأساة مواطني بلدي الاصليين الذين ظلموا وهجروا من غير ذنب اقترفوه ..فقد كانوا رجال دولة وتجارة وعلوم نفتقدهم الان قبل اي وقت مضى ، استاذ جمال اذا كانت مقالاتي السابقة توقظ الامك والام غيرك فكيف الحال بالمقالات القادمة التي ستسلط الضوء اكثر على يهود العراق وبغداد بالذات فانا مهتم جدا باثارة هذا الموضوع الذي للاسف طواه النسيان ، لن ننسى ابدا كل اولئك اليهود الشرفاء الذي خدموا من دون مقابل وطنهم العراق ولم يجنوا سوى التهجير والطرد …اذا كان بودك ان لا اثير هذا الموضوع لاسباب عاطفية ونفسية فانا مستعد لتأجيله بعض الوقت ولكن لا اعدك بان اتركه ….مع جزيل الشكر

    1. مساء النور استاذ بكر على العكس نحن مولعون بمواضيعك الممييزة لكن كان ردي في هذا الخصوص مجازيا وليس موضوعيا شكرا جزيلا لك وتحية من القلب نوجهها لكم

  7. مساء الخير استاذ باريس بحري وشكرا على تعليقاتكم الجميلة ..ندعو الله ان يفرج همومك ويزيح عنك الكرب واتمنى لو كان بيدنا طريقة ممكن ان نجعل الامور أيسر وتريحك من الظروف الصعبة التي تمر بها ..نحن على استعداد لمد يد العون وبالطريقة التي ترتأيها من اجل عودتك وعودة قلمك اللامع لهذا الموقع المحترم ..مع تقديري واحترامي

  8. مساء الخير استاذ باريس بحري وشكرا على تعليقاتكم الجميلة ..ندعو الله ان يفرج همومك ويزيح عنك الكرب واتمنى لو كان بيدنا طريقة ممكن ان نجعل الامور أيسر وتريحك من الظروف الصعبة التي تمر بها ..نحن على استعداد لمد يد العون وبالطريقة التي ترتأيها من اجل عودتك وعودة قلمك اللامع لهذا الموقع المحترم ..مع تقديري واحترامي

  9. صباح الخير استاذ احمد …

          جميل هو الحوار الذي يجري بينك وبين الاستاذ جمال مزراحي المحترم ، فالصيغة الحوارية العميقة تمهد لكشف الحقائق اكثر وتفسح المجال لسبر أغوار الحقيقة .

     أشكرك على تعاطفك معي وكذلك اشكر الاستاذ جمال مزراحي على تعاطفه ، انتم أخوة اعزاء .

       تفاصيل مشاكلي تحتاج لتفصيل وهذا ما لا أريد أن أملأ به صفحات الموقع الكريم ، فللموقع وأصحابه هموم  ومصائب تاريخية وحالية سنسعى بكل تواضع للمشاركة فيها من دافع الحب والرابط الانساني  رغم إن قوة شعب اسرائيل مكنته من الصمود الذي أصبح مضرب أمثال للصديق والعدو .

           لربما نستطيع التواصل عبر البريد الالكتروني  إذا ما كانت هناك مشاكل شخصية  والهدف هو أنهاء كل مشاكلنا الشخصية لنتفرغ  لما هو أسمى  .

          شكرا" لكم 

  10. صباح الخير استاذ احمد …

          جميل هو الحوار الذي يجري بينك وبين الاستاذ جمال مزراحي المحترم ، فالصيغة الحوارية العميقة تمهد لكشف الحقائق اكثر وتفسح المجال لسبر أغوار الحقيقة .

     أشكرك على تعاطفك معي وكذلك اشكر الاستاذ جمال مزراحي على تعاطفه ، انتم أخوة اعزاء .

       تفاصيل مشاكلي تحتاج لتفصيل وهذا ما لا أريد أن أملأ به صفحات الموقع الكريم ، فللموقع وأصحابه هموم  ومصائب تاريخية وحالية سنسعى بكل تواضع للمشاركة فيها من دافع الحب والرابط الانساني  رغم إن قوة شعب اسرائيل مكنته من الصمود الذي أصبح مضرب أمثال للصديق والعدو .

           لربما نستطيع التواصل عبر البريد الالكتروني  إذا ما كانت هناك مشاكل شخصية  والهدف هو أنهاء كل مشاكلنا الشخصية لنتفرغ  لما هو أسمى  .

          شكرا" لكم 

  11. الاستاذان العزيزان باريس بحري وجمال مزراحي المحترمان…يمكننا التواصل اكثر عبر بريدي الالكتروني
    ahmedalbikry@yahoo@yahoo:disqus .com
    مع الشكر والتقدير

  12. الاستاذان العزيزان باريس بحري وجمال مزراحي المحترمان…يمكننا التواصل اكثر عبر بريدي الالكتروني
    ahmedalbikry@yahoo@yahoo:disqus .com
    مع الشكر والتقدير

  13. متشوق لقراءة الرواية التي فيها تاريخ حي عن تلك الفترة التي انقضت  .. تعتبر  هذا الروابة دليل واضح على ان اليهود و المسلمين كانوا يتعايشون بسلام مع بعضهم البعض … 

  14. متشوق لقراءة الرواية التي فيها تاريخ حي عن تلك الفترة التي انقضت  .. تعتبر  هذا الروابة دليل واضح على ان اليهود و المسلمين كانوا يتعايشون بسلام مع بعضهم البعض … 

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *