هيام كيلاني
سيظل الثلاثين من يونيو تاريخاً عالقا بذاكرة التيار الإسلامي الذي أصيب في هذا اليوم بصدمة ربما تفوق صدمة زوال الخلافة

الإسلامية. فالوصول إلى سدة الحكم ظل يمثل لدى الإخوان لحظة فارقة ونقطة انطلاق محورية في المشروع الكبير الذي حلم به الاخوان المسلمون و صارعوا أنظمة الحكم في بلدانهم و العالم من أجله عشرات السنين .. الحلم الذي قاموا من أجله بالعديد من الحماقات التي زجت بهم بالسجون لسنين طويلة .. وظلت لحظة (الوصول للحكم و استعادة الخلافة) تداعب مخيلة جميع المنتمين إلى هذا المشروع لعشرات السنين. ولكن المفاجأة هي أن مشروع الإخوان ترنح وسقط في أول عام له في مصر ودون أن يحقق أي شيء.

مصر

بل على العكس عاد بالبلاد إلى نقطة متأخرة كثيراً عما كانت عليه من قبل وصولهم لسدة الحكم أتذكر اليوم أثناء متابعتي للاحتجاجات في مصر بعد عام على حكم الاخوان لها جواب محمد مرسي حين سأله أحد الاعلاميين قبل توليه الحكم عما سيفعله اذا لم يستطع تحقيق الاهداف التي قامت من أجلها الثورة اذا أصبح رئيساً , فأجاب مرسي سوف أنزل.
الى ميدان التحرير مع المتظاهرين من أجل المطالبة بتحقيق أهداف الثورة 
هكذا بدا الاخوان المسلمين لعامة المصريين قبل انتخابهم جماعة داعمة للديموقراطية ستعمل على الرقي بمصر فكرياً و اقتصادياً. لكن لم يمر وقت طويل حتى اكتشف المصريون أنهم أخطأوا التقدير حين ظنوا أن جماعة الاخوان المسلمين هي حركة معتدلة تخلت عن أصوليتها و تطرفها و طوت صفحات تاريخها الملطخ بالدماء, فنزل المصريون بعد أن نظموا صفوفهم في اطار حركة تمرد بما يقارب ال ۳ ملايين للاحتجاج على حكم مرسي و الاخوان المسلمين للبلاد الذين أعادوا احياء سياسات الحزب الوطني بفساده و طغيانه من جديد فبمجرد صعودهم للحكم اعتمدوا سياسة الميليشيات لتكميم الأفواه و ترهيب كل من يحاول الاعتراض على حكمهم أو مخالفتهم بالرأي بالتكفير و السب و كأنه يتعارض مع الله و بالتالي يحق فيه القول أنه كافر و وجب سحله و أسره لا بل قتله ان لزم الأمر بأيديهم المباركة من الله .فمن اعتقال نشطاء الرأي المعارضين لسياسات الاخوان الى تقييد حرية الصحفيين و المؤسسات الاعلامية من خلال حبس صحفيين و محاربة التظاهرات ووجود مباحث أمن الدولة كما هي مع تغيير المسميات.

ناهيك عن تجاهل التنوع المذهبي و المدني في مصر و عدم احترام حقوق الأفراد و المساواة فيما بينهم حيث عملوا على تقسيم الجماهير الى مؤمنين وكفار, نساء ورجال , اغنياء وفقراء و ميزوا فيما بينهم حين قاموا بتعيين حكومة فاشلة معظم أعضاءها من الاخوان و فلول النظام السابق مع عدم مراعاة باقي فئات الشعب و بالتالي لم تتمكن من وقف التدهور الأمني و الاقتصادي التي تعاني منه مصر بل على العكس ازدادت مشاكل إنقطاع الكهرباء وإنعدام بعض المواد البترولية وازدياد حجم الديون بالاضافة الى ازدياد الأوضاع الأمنية سوءاً في كل من سيناء و القاهرة و غيرها من مدن مصر أثناء حكم الاخوان المسلمين لإنشغالهم بمجالات كلها تصب في تثبيت حكم الاخوان دون النظر إلى معاناة الناس ومطالبهم . كل ذلك ترافق مؤخراً مع ظهور المشكلة الكبرى التي يعتبرها المصريون تهدد.

الأمن القومي المصري مياه النيل وسد النهضة في أثيوبيا والتي بدا النظام أمامها مشتت ومذهول ومتبلد لا يعلم كيف يواجهها ولا يعي ما. المخرج منها لم يكن سقوط الاخوان بعد مظاهرات ۳۰ يوليو بمساعدة العسكر الا أفضل سيناريو يمكن تخيله لمصر و المنطقة رغم ما تعاني منه مؤسسة الجيش المصري من فساد و ديكتاتورية , الا أن خطورة بقاء الحكم و القوة في يد الاخوان في مصر لم يكن ليقتصر على مصر وحدها بل كان سيطول المنطقة كلها و خاصة بعد فتاوي الاخوان المسلمين بالجهاد في سوريا و دعمهم لحركة حماس ومحاولاتهم لاخونه الجيش المصري لتحويله الى جيش يؤمن بعقيدة الجهاد و قتال و تكفير كل مختلف رغم ذلك كله لا يبدو حتى الان أن المعارضة و الجيش المصري يبدون حتى الان أي تفوق في الخطاب و الأفعال عن الاخوان.

المسلمين بل يستمرّون في نهج الاخوان بتغليب نظرية المؤامرة والعمالة لاسرائيل و الغرب في كل محاججاتهم ضد الاخوان , دون 
أن يتنبه كلاً من المعارضة أو الاخوان الى أن اسرائيل التي لا يكفّوا عن التراشق بها هي أكثر الدول ديموقراطية في محيطها الغارق في الفساد و الدماء توالت عليها منذ عام 18 1948 رئيس حكومة وصلت كلها الى الحكم عبر صناديق افتراع شرعية قامت في كثير من الأحيان انتخابات مبكرة من أجلها بناءاً على رغبات الشعب و الأحزاب المتنافسة رغم ذلك كان الانتقال من حكومة لأخرى يتم بكل سلاسة دون حروب أهلية و اراقة دماء و تدخل الجيش الاسرائيلي المسؤول عن حماية الدولة و حدودها.

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *