أقلام القراء / د. محمد عناد سليمان

ان المقالات المدونة في هذه الخانة تعبر عن اراء اصحابها, ولا تلزم الموقع بمحتواها 

يحاول كثيرٌ من الباحثين والدَّارسين فيما يتناولونه من آراء، وكلمات بين الفينة والأُخرى أن يشوِّهوا الصُّورة الحقيقيَّة لمنهج «تفسير القرآن بالقرآن»، معتمدين في ذلك على رؤية خاصَّة في أنَّ هذا المنهج يحاول أصحابه وأتباعه أن يُلغوا ما يسمُّونه «السُّنَّة النَّبويَّة»، أو ما هو معروف بـ«الأحاديث الشَّريفة»، وهو أمر بعيد عن الصَّواب؛ بل هو وهْمٌ يجتهدون في جعله حقيقة؛ لأنَّهم يخشون أن تخرج من أيديهم السَّيطرة على علوم «الدِّين» التي طالما احتكروها لأنفسهم، أو يفقدوا «أتباعهم» الذين رضوا بأن تكون عقولهم نسخةً عمَّا هم عليه، ولو كان أبناء «الأمَّة» يقرؤون، أو يُعملون فكرهم، لما كانت لهم هذه السَّيطرة.

ونؤكِّد أنَّ لتفسير «القرآن الكريم» طريقين:
الأوَّل: أن يكون عن طريق النَّقل، وهو ما يُطلق عليه اسم «التَّفسير بالمأثور».
الثَّاني: أن يكون عن طريق الاستنباط والاستدلال، وهو ما يُطلق عليه اسم «التَّفسير بالرَّأي».

أمَّا الأوَّل وهو التَّفسير بالمأثور فيعتمد على نقلٍ متواترٍ عمَّا ورد من «الصَّحابة» و«التَّابعين» في تفسير مفردات وآيات «القرآن الكريم»، ولعلَّ تفسير «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» لمحمد بن جرير الطَّبري المتوفى سنة 310هـ من أقدم التَّفاسير التي وردتنا بالمأثور، وقد علمتُ أنَّ «الطَّبريّ» رحمه الله لما أقدم على تفسير «القرآن الكريم» قد نبَّه على أنَّه سيعتمد على كتب «بني إسرائيل» المتوفِّرة لديه، وقد أشار في مخطوطه إلى المواضع التي أخذ عنها من هذه الكتب السَّابقة، إلا أنَّ المحقق والطَّابع لم يشر إلى ذلك، فدخلت في متن تفسيره على أنَّها من السَّلف وليس ذلك بصحيح؛ بل هي من كتب «بني إسرائيل» كما أشار «الطَّبريّ» نفسه.

القران

ولعلَّ أدلَّ دليل على ذلك ما يُعرف بقصَّة «الغرانيق» التي درج عليها من لم يتحقَّق فيما يصله ويكتفي بالجمع والنَّقل، وتفصيل هذه القصَّة كبير جدًا، يرى من نَقَلها أنَّ «رسول» الله صلى الله عليه قد سُحر، وألقى الشَّيطان على لسانه كلمات في الصَّلاة فيما يخصُّ الأصنام، فسجَدَ وسجد «الصَّحابة »خلفه، وقد أوردها «الطَّبريّ» عند تفسيره لقوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «52» فقال: «قيل: إنَّ السَّبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّ الشَّيطان كان ألقي على لسانه في بعض ما يتلوه ممَّا أنزل الله عليه من القرآن ما لم ينزله الله عليه، فاشتدّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم واغتمَّ به، فسلاه الله مما به من ذلك بهذه الآيات.

ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله، فتمنَّى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عليه: «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى»، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا بلغ: «أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى» ألقى عليه الشَّيطان كلمتين: «تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهنّ لترجى»، فتكلَّم بها. ثم مضى فقرأ السُّورة كلَّها. فسجد في آخر السُّورة، وسجد القوم جميعا معه، ورفع الوليد بن المغيرة ترابًا إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخًا كبيرًا لا يقدر على السُّجود. فرضوا بما تكلَّم به؛ وقالوا: قد عرفنا أنَّ الله يحيي ويميت، وهو الذي يخلق ويرزق، ولكنَّ آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، إذ جعلت لها نصيبًا، فنحن معك، قالا: فلمَّا أمسى أتاه جبرائيل عليه السَّلام، فعرض عليه السُّورة; فلمَّا بلغ الكلمتين اللَّتين ألقى الشَّيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَيْتُ عَلى الله، وَقُلْتُ عَلى الله ما لَمْ يَقُلْ، فأوحى الله إليه: «وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ» … إلى قوله: «ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا». فما زال مغمومًا مهمومًا حتى نزلت عليه: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ». قال: فسمع.

ومثل هذا القول لا يمكن قَبوله أو الأخذ به، سواء أكان ناقله ثقة، أم راويه أوثق؛ لأنَّه يتعارض مع نصِّ «القرآن الكريم» الذي أعلمنا أنَّ «النَّبي» صلى الله عليه وسلم ليس بساحر، في قوله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }«الذاريات52»؛ بل إنَّ الله حذَّره بالعقاب إن جاء بما لم ينزِّله عليه، فقال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}«الحاقة44-46». فكيف يمكن أن يُقبل ذلك؟! وهو لا ينطق إلا بما أوحاه الله
إليه ؟!!

حتى إنَّ بعض الباحثين كالدَّكتور عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الوهيبي في بحثه «التَّفسير بالرَّأي والأثر وأشهر كتب التَّفسير فيها» الذي نشرته مجلة «البحوث الإسلاميَّة» في عددها السَّابع
ص200 -237، قد وَهِمَ أنَّ «الإسرائيليَّات» قد وقعت للمفسِّرين في مرحلة متأخِّرة وصفها بـ«المرحلة الرَّابعة» فقال: «في هذه المرحلة دُوِّنَ التَّفسير مجرَّداً عن الإِسناد واختلط الصَّحيح بالضَّعيف، ودخلت الإِسرائيليَّات والموضوعات في كتب التَّفسير، والذين جاؤوا بعد ذلك نقلوا هذه الأقوال على أنَّها صحيحة».

ومثلُ هذه «الإسرائيليَّات» قد نبَّه عليها «ابن كثير» في مقدمة تفسيره حيث قال: «ولكن هذه الأحاديث الإسرائيليَّة تُذكرُ للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنَّها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحَّته ممَّا بأيدينا ممَّا يشهد له بالصِّدق، فذاك صحيح.
والثَّاني: ما علمنا كذبه بما عندنا ممَّا يخالفه.
والثَّالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به، ولا نكذِّبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك ممَّا لا فائدة فيه تعود إلى أمر دينيِّ».

وجاء بعد «الطَّبريّ» «جلال الدِّين السّيوطيّ» المتوفّى سنة 911هـ في تفسيره المعروف باسم «الدرُّ المنثور في التَّفسير بالمأثور» ليكون الكتاب الثَّاني بعد تفسير «الطَّبريّ» الذي يعتمد أقوال الرُّواة وغيرهم في تفسير «القرآن الكريم» من حيث الجمع والنَّقل.

وخلال هذه الفترة بين عامي 310هـ إلى عام 911هـ أخذت التَّفاسير منهجًا آخر اعتمد على التَّفسير بالرَّأي، ولا ننكر وجود بعض التَّفاسير التي اعتمدت منهج المأثور كتفسير «معالم التَّنزيل» للحسين ابن مسعود البغوي المتوفَّى سنة 516هـ، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير المتوفَّى سنة 774هـ وغيرهما.

أمَّا الثَّاني وهو التَّفسير بالرَّأي: فيعتمد أصحابه على الرَّأيّ المستقلّ في الاستنتاج العقليّ والأحكام لآيات «القرآن الكريم»، بعيدًا عن أقوال الرُّواة السَّابقين، وإن كانوا يستأنسون بها للاستدلال على المعنى المرجَّح والقريب، وفي غالب الأحيان لا يأخذون به لإقحام فكرهم ورأيهم في تفسير اللَّفظة القرآنيَّة، ولعلَّ ما يميِّز أهل هذا المنهج أنَّه قد سيطرت على أفكارهم المذهبيَّة التي كانوا عليها، فأخذوا يبثُّون أفكارها في تفاسيرهم، ومحاولة إسقاطها على ما يمكن أن يحمِّلوه لألفاظ «القرآن الكريم»، وخير مثال على ذلك تفسير «الكشاف عن حقائق غوامض التَّنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التَّأويل» لمحمود بن عمر الزمخشري المتوفَّى سنة 538هـ، حيث اعتمد مذهب «المعتزلة» في تفسيره، وبثَّ أفكارها فيه، حتى ظنَّ القارئ أنَّها منه، وقد تعقَّبه في ذلك «أبو حيَّان الأندلسيّ» وكان من مذهب «أهل السُّنَّة والجماعة» فأظهر مواطن «الاعتزاليَّة» في تفسيره وكان يصفها بقوله «وهذه دسيسة اعتزال منه»، وكُتُبُ التَّفسير بالرأي كثيرة جدًا، كتفسير «مفاتيح الغيب» للرَّازي المتوفَّى سنة 606ه، وتفسير «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبيّ المتوفَّى سنة 671ه، وغير ذلك من التَّفاسير.

ولا شكَّ أنَّ «التَّفسير بالرأي» قد لقي بعضَ الرّفض، أو «التَّحريم» كما أورد «ابن كثير» في تفسيره فقال: «فأمَّا تفسير القرآن بمجرَّد الرَّأي فحرام؛ لما رواه محمد بن جرير رحمه الله حيث قال: حدَّثنا محمد بن بشار، حدَّثنا يحيى بن سعيد، حدَّثنا سفيان، حدَّثني عبد الأعلى هو ابن عامر الثَّعلبيّ عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم فليتبوَّأ مقعده من النَّار، وهكذا أخرجه التّرمذيّ، والنَّسائي».

وأرى أنَّ هذا الكلام من باب المبالغة من «ابن كثير»، وما استدلَّ به من «حديث» النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ليس بصحيح، لعدم صحَّة الحديث نفسه.

وثمَّة طريق ثالث في تفسير «القرآن» الكريم، لم يلقَ الاهتمام الكافي من العلماء قديمًا وحديثًا، وهو ما نحنُ عليه من منهج «تفسير القرآن بالقرآن»، الذي يعتمدُ على توضيح وتبيان معاني «الآيات» من خلال «آيات» أُخرى؛ لأنَّ «القُرآن» هو المصدر الأوَّل لبيان تفسيره، والمتكلِّم وهو «الله» سبحانه وتعالى أوْلى من يوضِّح مراده بكلامه نفسه، لذلك يعدُّ هذا المنهج من «أصحّ الطُّرق» في التَّفسير كما نصَّ على ذلك «ابن كثير» حيث قال: «فإن قال قائل: فما أحسن طرق التَّفسير؟ فالجواب: إنَّ أصحَّ الطُّرق في ذلك أن يفسَّر القرآن بالقرآن»، وعدَّه «ابن تيمية» من أوائل طرق تفسير «القرآن»، وكذلك «ابن القيِّم» الذي وصفه بأنَّه من «أبلغ التَّفاسير».

ومن الذين اعتنوا بهذا المنهج فيما وقعتُ عليه قلَّة من «المفسِّرين» على تفاوت بينهم في تناوله، كـ«الطَّبريّ» في تفسيره، و«ابن كثير»، وفيه يقول «أحمد شاكر»: «حافظتُ كل المحافظة على الميزة الأولى لتفسير ابن كثير، الميزة التي انفرد بها عن جميع التَّفاسير التي رأيناها وهي: تفسير القرآن بالقرآن، فلم أحذف منه شيئَا مما قله المؤلِّف الإمام في ذلك». لكنَّه -كما أشرنا – يُصنَّف ضمن «التفسير بالمأثور» لغلبة ذلك عليه.

بينما نجدُ قلَّة قليلة ممَّن خصَّ تفسيره اعتمادًا على هذا المنهج، على نحو ما نجده عند «الصَّنعانيّ» تـ1182هـ في كتابه «مفاتح الرَّضوان في تفسير الذِّكر بالآثار والقرآن»، و«محمد الأمين الشَّنقيطيّ» تـ1393هـ في تفسيره «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»، ولعلَّه أكثرهم توسُّعًا في هذا المنهج.

وهذا المنهج ليس بالجديد؛ بل نجد له أمثلةً وجذورًا منذ عصر «النَّبيّ» صلى الله عليه وسلم؛ بل نجدُه يفسِّرُ «القرآن» بناء على «آياته» نفسها، من ذلك ما رواه «البخاريّ» /3360/ عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت}الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ{.
الأنعام: 82. قلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيّنا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون، }لم يلبسوا إيمانهم بظلم{ بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: }يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ{. لقمان: 13».

وقد وردت أمثلة كثيرة غير ذلك، سواء أكانت عن «النَّبيّ» صلى الله عليه وسلم، كما في المثال السَّابق، أم عن بعض الصَّحابة والتَّابعين رحمهم الله جميعًا، على نحو ما نقع عليه مرويًا عن «مجاهد»، و«قتادة»، و«الضَّحَّاك»، و«الرَّبيع بن أنس»، و«السُّدِّي»، و«عطاء»، و«سفيان الثَّوري»، و«ابن عيينة»، وآخرين، وأقوالهم المنثورة بين ثنايا كتبِ «التَّفسير».

ولعلَّ «عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم» تـ182هـ من أكثر السَّابقين اعتناء بتفسير «القرآن بالقرآن»، كما يظهر من خلال ما نقله عنه «الطَّبريُّ» في تفسيره، فأكثر من ذلك في مواضع كثيرة، منها قوله: «حدَّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: والبحر المسجور. قال: الموقد، وقرأ قول الله تعالى: وإذا البحار سجِّرت، قال: أوقدت».

ومنها قوله: «حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) قال: زادهم رجسًا، وقرأ قول الله عزَّ وجلَّ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ)، قال: شرًّا إلى شرِّهم، وضلالة إلى ضلالتهم». وذكره «ابن كثير» ثم قال: «وهذا الذي قاله عبد الرحمن رحمه الله حسن، وهو الجزاء من جنس العمل، وكذلك قاله الأولون، وهو نظير قوله تعالى أيضاً (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ».

وبعد الاطّلاع المستفيض مما كتبه العلماء في «التَّفسير» بنوعيه المعروفين، علمتُ أنَّ ثمَّة نقصًا لا بدَّ من استدراكه في منهج السَّابقين، وأنَّ خلافًا واقعًا لا بدَّ من الخروج منه، خاصَّة وأنَّ «القرآن الكريم» جاء للَّناس كافَّة، ولكلِّ زمان ومكان، إضافة إلى ما وجدناه من «أساطير» و«خرافات» حاول القوم إلصاقها بـ«الدِّين» من خلال تحميل ألفاظ «القرآن الكريم» ما لا تحتمله، على نحو ما رووه من (شقِّ» صدر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أكثر من مرَّة، وحادثة «المعراج» التي لا أصل لها في «القرآن»، ووجود «ختْم» النُّبوَّة على ظهر النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّ «الصِّراط» طريق فوق «جهنَّم» وغيرها من الأباطيل التي تحتاج أبحاثًا خاصَّة بها، كانت بداية منهجي القَائم على «تفسير القُرآن بالقرآن».

כתיבת תגובה

האימייל לא יוצג באתר. שדות החובה מסומנים *